يختلف معنى كلمة "الصلاة" عند المسلمين باختلاف أماكن استخدامها، وكلها في النهاية راجعة في أصل اللغة لـ "الدعاء" كما ورد في المعجم الوسيط[1]، ومن هذه الاستخدامات:
- الصلاة من الله على البشر: تكون رحمة مقرونة بالتعظيم، ورفع درجاتهم، وذكرهم بالثناء في الملأ الأعلى كما في الأية ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾«33:43».
- الصلاة من الملائكة على المؤمنين: تكون استغفار ودعاء لهم عند الله.
- الصلاة من المؤمنين على المؤمنين: دعاء أيضا كما في الأية ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾«9:103».
- الصلاة من البشر إلى الله: العبادة المخصوصة المبينة حدود أوقاتها في الشريعة الإسلامية كما في الأية ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾«108:2».
والله أمر المؤمنين بالمكافأة لمن أحسن إلينا وأنعم علينا، فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء، فأرشدنا الله لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾«33:56»
- قال العز بن عبد السلام: «ليست صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم شفاعة منا له، فإن مثلنا لا يشفع لمثله، ولكن الله أمرنا بالمكافأة لمن أحسن إلينا وأنعم علينا، فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء، فأرشدنا الله لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه؛ لتكون صلاتنا عليه مكافأة بإحسانه إلينا، وأفضاله علينا، إذ لا إحسان أفضل من إحسانه صلى الله عليه وسلم، وفائدة الصلاة عليه ترجع إلى الذي يصلي عليه دلالة ذلك على نضوج العقيدة، وخلوص النية، وإظهار المحبة والمداومة على الطاعة والاحترام.»
- قال أبو العالية: «صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه عند ملائكته، وصلاة الملائكة عليه الدعاء».
- قال ابن حجر في كتابه الجوهر المنظم معنى الصلاة والسلام:«أن الصلاة من الله سبحانه وتعالى هي الرحمة المقرونة بالتعظيم ومن الملائكة والآدميين سؤال ذلك وطلبه له صلى الله عليه وسلم».
[عدل] حكم الصلاة على النبي
اتفق علماء أهل السنة على استحباب الصلاة والسلام على النبي محمد، حيث قال ابن عطية: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حال واجبة وجوب السنن المؤكدة التي لا يسع تركها ولا يغفلها إلا من لا خير فيه. واختلفوا في وجوبها على عدة أقوال أشهرها[2]:
- واجبة في العمر مرة واحدة، قال المفسر القرطبي: لا خلاف في وجوبها في العمر مرة، وأَنها واجبة في كل حين وجوب السنن المؤكدة.
- واجبة في الصلاة في التشهد الأخير: وهو قول الشافعية وبعض المالكية.
- واجب الإكثار منها من غير تحديد.
- واجبة عند سماع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من غيره أو ذكره بنفسه، نقل ذلك عن الطحاوي.
[عدل] آيات وأحاديث في الصلاة على النبي
- آية: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾«33:56»
- حديث: أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة[3].
- حديث: من ذُكرتُ عنده فخطيء الصلاة عليّ خطيء طريق الجنّة[4].
- حديث: البخيل من ذُكرتُ عندَه ثم لم يصلّ عليّ[5].
- حديث: من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خُلق آدم وفيه قُبض وفيه النفخة وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ، قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت - أي وقد بليت - ؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء[6].
- حديث عن أبي بن كعب أنه قال: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت. فقلت: الربع. قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك. قلت: النصف. قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك. قلت: فالثلثين. قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك. قلت: أجعل لك صلاتي كلها. قال: إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك[7].
- حديث: من ذكرت عنده فليصلّ عليّ، ومن صلى عليّ مرة صلى الله عليه بها عشرا. وفي رواية: من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر سيئات ورفعه بها عشر درجات[8].
- حديث: من صلى عليّ صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى عليّ فليقلّ عبد من ذلك أو ليكثر[9].
- حديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد على المنبر فقال آمين آمين آمين. قيل: يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين؟ فقال: إن جبريل أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل آمين، فقلت: آمين. ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله، قل آمين. فقلت: آمين. ومن ذكرتَ عنده فلم يصل عليك فأبعده الله، قل آمين. فقلت: آمين[8].
- حديث: من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة[10].
- حديث: ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم[7].
[عدل] فضائل الصلاة على النبي
نقل الإمام الشعراني في كتاب حدائق الأنوار في الصلاة والسلام على النبي المختار، في الثمرات التي يجتنيها العبد بالصلاة على رسول الإسلام محمد والفوائد التي يكتسبها ويقتنيها[11]:
- امتثال أمر الله بالصلاة عليه.
- موافقته سبحانه وتعالى في الصلاة عليه.
- موافقة الملائكة في الصلاة عليه.
- حصول عشر صلوات من الله تعالى.
- أن يرفع له عشر درجات.
- يكتب له عشر حسنات.
- يمحى عنه عشر سيئات.
- ترجى إجابة دعوته.
- أنها سبب لشفاعته صلى الله عليه وسلم.
- أنها سبب لغفران الذنوب وستر العيوب.
- أنها سبب لكفاية العبد ما أهمه.
- أنها سبب لقرب العبد منه صلى الله عليه وسلم.
- أنها تقوم مقام الصدقة.
- أنها سبب لقضاء الحوائج.
- أنها سبب لصلاة الله وملائكته على المصلي.
- أنها سبب زكاة المصلي والطهارة له.
- أنها سبب لتبشير العبد بالجنة قبل موته.
- أنها سبب للنجاة من أهوال يوم القيامة.
- أنها سبب لردّه صلى الله عليه وسلم على المصلى عليه.
- أنها سبب لتذكر ما نسيه المصلي عليه صلى الله عليه وسلم.
- أنها سبب لطيب المجلس وأن لا يعود على أهله حسرة يوم القيامة.
- أنها سبب لنفي الفقر عن المصلي عليه صلى الله عليه وسلم.
- أنها تنفي عن العبد اسم البخل إذا صلى عليه عند ذكره صلى الله عليه وسلم.
- نجاته من دعائه عليه برغم أنفه إذا تركها عند ذكره صلى الله عليه وسلم.
- أنها تأتي بصاحبها على طريق الجنة وتخطئ بتاركها عن طريقها.
- أنـها تنجـي من نتن المجلس الذي لا ذكر فيه اسم الله ورسوله صلى الله عليـه وسلم.
- أنها سبب لتمام الكلام الذي ابتدئ بحمد الله والـصلاة على رسولـه صلى الله علـيه وسلم.
- أنها سبب لفوز العبد بالجواز على الصراط.
- أنه يخرج العبد عن الجفاء بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.
- أنها سبب لإلقاء الله تعالى الثناء الحسن على المصلي عليه صلى الله عليه وسلم بين السماء والأرض.
- أنها سبب رحمة الله عز وجل.
- أنها سبب البركة.
- أنها سبب لدوام محبته صلى الله عليه وسلم وزيادتها وتضاعفها وذلك من عقود الإيمان لا يتم إلا به.
- أنها سبب لمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم للمصلي عليه صلى الله عليه وسلم.
- أنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه.
- أنها سبب لعرض المصلي عليه صلى الله عليه وسلم وذكره عنده صلى الله عليه وسلم.
- أنها سبب لتثبيت القدم يعني على الصراط.
- تأدية الصلاة عليه لأقل القليل من حقه صلى الله عليه وسلم وشكر نعمة الله التي أنعم بها علينا.
- أنها متضمنة لذكر الله وشكره ومعرفة إحسانه.
- أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من العبد دعاء وسؤال من ربه عز وجل فتارة يدعو لنبيه صلى الله عليه وسلم وتارة لنفسه ولا يخفى ما في هذا من المزية للعبد.
- من أعظم الثمرات وأجل الفوائد المكتسبات بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم انطباع صورته الكريمة في النفس.
- أن الإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم يقوم مقام الشيخ المربي.
Label: معنى الصلاة
Langganan:
Postingan (Atom)